بيان اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية 2021
تطوير أنظمة صحة وسلامة مهنية قادرة على الصمود والاستجابة للطوارئ والأزمات المستقبلية
أنظمة الصحة والسلامة المهنية تتصدى لجائحة كوفيد-19
شكلت جائحة كوفيد-19 تحدياً عالمياً للسلامة والصحة المهنية في مكان العمل حيث تعرض جميع العمال في العالم لخطر الإصابة بالفيروس، في حين أن آثارها الاقتصادية والاجتماعية تركت بصمات عميقة على العاملين في جميع القطاعات الاقتصادية، لاسيما في المنشآت الصغيرة والمتوسطة وفي الاقتصاد غير المُنَظَّم، مع حدوث انخفاض غير مَسبوق في النشاط الاقتصادي وساعات العمل.
وقد كشفت التدابير الوقائية المعتمدة أثناء التصدي لجائحة كورونا أهمية الصحة والسلامة المهنية ودورها الرئيسي في استمرارية الأعمال، كما اتضح للجميع الدور الحاسم لأنظمة الصحة والسلامة المهنية، والحاجة لبناء نظام صحة وسلامة مهنية قوي ومرن في آن واحد لحماية العمال وأسرهم والمجتمع ككل، في الطوارئ والأزمات.
حماية صحة وسلامة العمال أثناء جائحة كورونا ومابعدها
إن ضرورة بناء وتطوير نظام وطني قوي ومرن للصحة والسلامة المهنية هو أحد الدروس المستفادة من جائحة كورونا، وفرصة لإعادة البناء الصحيح في مرحلة التعافي، يسمح هذا النظام باتخاذ تدابير سريعة وفعالة لمواجهة أي أزمة صحية غير متوقعة أو مخاطر مهنية ناشئة ومستحدثة. إن إنشاء سلطة/لجنة عليا مختصة بالصحة والسلامة المهنية ذات تمثيل ثلاثي على المستوى الوطني أو إعادة تفعيلها في الدول العربية، بات ضرورة ملحة. حيث تمثل فيها معظم الوزارات المعنية، والجهات ذات الصلة، تختص برسم السياسة العامة للصحة والسلامة المهنية وتشارك في صنع القرار، وتكون جزءاً من الاستجابة لأي أزمة مستقبلية طارئة.
منظمة العمل العربية تؤكد ضرورة إنشاء لجنة وطنية للسلامة والصحة المهنية وتفعيلها
أكدت الاتفاقية العربية رقم 7 لعام 1977 بشأن السلامة والصحة المهنية “المادة 15” على ضرورة إنشاء لجنة وطنية للسلامة والصحة المهنية وذلك على مستوى كل دولة عربية، يراعى في تشكيلها التمثيل الثلاثي وتختص برسم وتنسيق السياسة العامة الخاصة بالسلامة والصحة المهنية، والعمل على حماية العامل من أي خطر قد ينشأ عن بيئة العمل أو الظروف التي يتم العمل فيها، وتعمل على الوصول إلى أعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والذهنية والنفسية للعمال.
بيئة عمل صحية وآمنة حق لكل عامل….
اتخذت الحكومات تدابير عاجلة وحاسمة للحد من انتشار جائحة كوفيد-19 واعتمدت سياسات فعالة للتأهب والاستجابة لحماية صحة العمال وسلامتهم من خلال الحوار الاجتماعي مع أصحاب العمل والعمال على المستوى الوطني، كما أصدرت لوائح وأدلة استرشادية وقامت بحملات توعوية للتصدي للجائحة وإدارة تبعاتها، والتحضير لمرحلة التعافي، وعلى الرغم من أن الحكومات بذلت قصارى جهدها في احتواء هذه الأزمة الصحية الطارئة، إلا أن جهودها قد تفشل ما لم تُنفِّذ المنشآت تدابير الصحة والسلامة المهنية للوقاية من الفيروس وتخفيف انتشاره في أماكن العمل.
تقع على عاتق أصحاب العمل المسؤولية عن ضمان اتخاذ جميع تدابير الوقاية والحماية العملية للتقليل إلى أدنى حد من الأخطار المهنية، يُعَدّ تعاون أصحاب العمل مع العمال وممثليهم ولجان الصحة والسلامة المهنية أمراً أساسياً؛ لإعداد خطة عمل تقر تدابير التحكم في الخطر(فيروس كورونا) التي سيتم تنفيذها من خلال الإجراءات الادارية والتنظيمية وإجراءات التحكم الهندسية ومعدات الوقاية الشخصية وتدريب العمال.
لعب العمال وممثليهم دوراً هاماً في الاستجابة لجائحة كوفيد-19 على مستوى مكان العمل، والمشاركة في صنع القرار وتنفيذ تدابير الوقاية بشكل فعال في أماكن العمل؛ من حيث التزامهم بدقة بالقواعد الصحية وتبني سلوكيات مسؤولة، وللاتحادات العمالية دور بارز في غرس ثقافة الوقاية لدى العمال وحثهم على الالتزام بالتعليمات والتدابير الوقائية في مكان العمل، وتقديم الدعم النفسي لهم وتزويدهم بمعلومات عن مصادر الدعم والمشورة المتاحة، وتوفير معلومات عن كيفية التعامل مع حالات القلق والخوف من احتمال الإصابة بالعدوى.
الحوار الاجتماعي كان أداة مساهمة أساسية في الاستجابة للجائحة والتخفيف من تبعاتها
إن الحوار الاجتماعي على المستوى الوطني والعربي، هو السبيل الأمثل لتحقيق التعافي. فالحوار الاجتماعي بمختلف آلياته بين أطراف الإنتاج الثلاث مهم للغاية خلال مرحلة التعافي من جائحة كورونا، حيث أن انعدام الأمن الوظيفي وحالة عدم اليقين الاجتماعي والاقتصادي التي أحدثتها الجائحة، أثرت على العلاقة بين العمال وأصحاب العمل والحكومات، ولعل دور منظمات العمال وأصحاب العمل في المرحلة القادمة جوهري وهام كشريكين اجتماعيين أساسيين في عملية الحوار الاجتماعي، وصنع القرارات ووضع السياسات، وتطوير أنظمة صحة وسلامة مهنية قادرة على مواجهة الجائحة والتعامل مع مرحلة التعافي.
استجابة منظمة العمل العربية للحد من انتشار الجائحة والتخفيف منها في مكان العمل
ترسيخاً لهدف منظمة العمل العربية الأساسي في حماية حياة العمال وصحتهم، وتحسين ظروف وشروط العمل والنهوض بمستوى الصحة والسلامة المهنية على المستوى العربي، وإيماناً بأن العمل اللائق هو العمل الذي يوفر بيئة عمل آمنة وصحية للعامل، وهو حق من حقوقه الأساسية،
نفذت منظمة العمل العربية العديد من الأنشطة خلال العام المنصرم في مجال الصحة والسلامة المهنية، فأصدرت تقريراً حول “العودة إلى العمل أثناء جائحة كوفيد-19”
وعقدت المنظمة الندوة التفاعلية حول استئناف العمل أثناء جائحة كوفيد-19 التي ناقشت التنفيذ الفعال للتدابير الاحترازية خلال مراحل خطة استئناف العمل في الدول العربية،
وأصدرت أيضاً دليلاً مختصراً بعنوان “برنامج الصحة المهنية لقطاع الرعاية الصحية في حالات الأوبئة والطوارئ” بنسخة الكترونية متميزة تتكون من ثمانية فصول تسلط الضوء على الأدوار والمسؤوليات، والبرامج والخطط ذات الأولوية في القطاع الصحي،
هذا وأطلقت منظمة العمل العربية، الدليل الأول ضمن حقيبة تعنى بتفتيش أنماط العمل الجديدة تحت عنوان الدليل التدريبي “تفتيش العمل والصحة والسلامة المهنية في إطار الأنماط الجديدة للعمل”
كما أعدت المنظمة تقريراً حول جهود الدول العربية في مواجهة آثار وتداعيات جائحة كورونا على أسواق العمل، تم إعداده بناءً على ردود الدول العربية حول استجاباتها في مواجهة تداعيات الجائحة.
وتقوم منظمة العمل العربية (المعهد العربي للصحة والسلامة المهنية) بعمل متميز في إثراء المكتبة العلمية العربية ودعم أطراف الإنتاج الثلاثة والجهات ذات الصلة والمعنيين‘ بأحدث الإصدارات باللغة العربية من خلال ترجمة المنشورات الصادرة عن منظمة العمل الدولية في مجال السلامة والصحة المهنية وسبل الوقاية والتأهب لفيروس كورونا في مكان العمل، فالعديد من الأنشطة التي قامت بها المنظمة هذا العام 2020-2021 تناولت مجال الصحة والسلامة المهنية من عدة جوانب، ونحن على استعداد لتقديم الدعم الفني اللازم للدول العربية الراغبة في تطوير أنظمة الصحة والسلامة المهنية لتكون قادرة على الصمود والاستجابة للطوارئ والأزمات المستقبلية.