أتقدم بداية بأصدق التهاني لمنظمة العمل الدولية في ذكرى مئويتها متمنياً لها قرناً ثانياً من الإنجازات والنجاحات ، كما أهنئ رئيس وهيئة مكتب المؤتمر ، وممثلي الفرق والمجموعات على نيلهم الثقة ، وأثني على تمييز تقرير السيد / غاي رايدر لهذه الدورة ” العمل من أجل مستقبل أفضل إشراقاً ” والذى يدعو الى الالتزام بمجموعة من التدابير بهدف التصدي للتحديات الناجمة عن المتغيرات والتحولات غير المسبوقة في عالم العمل من تطور تكنولوجي وذكاء صناعي وأتمته الأعمال في إطار رؤية لخطة محورها الإنسان ، والاستثمار في إمكانياته وضمان حقه في التعلم المستمر واكتساب المهارات لإتاحة الكثير من فرص العمل ، كما يبرز أهمية اغتنام فرصة التغيير لتحقيق الأمن الاقتصادي وتكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية ، وأوكد على ما تضمنه التقرير فيما يخص دعم الشباب خلال عمليات الانتقال من الدراسة إلى العمل وإعدادهم على نحو استباقي بما يتواءم مع التحولات التكنولوجية لما له من أهمية في الحد من معدلات البطالة في المنطقة العربية التي تتسم بالبروز الشبابي وشح فرص العمل.
لمواجهة هذه التحولات والمتغيرات التي طرأت على عالم العمل لابد من توحيد الجهود والتعاون والتنسيق بين الحكومات والاتحادات العمالية ومنظمات أصحاب العمل في إطار علاقات عمل أكثر فاعلية وشمولية ، وفق حوار إجتماعي بناء للنهوض بالاقتصادات الوطنية والعربية وتوسيع أسواق العمل لجذب الخبرات والكفاءات المتميزة ، وهذا ما طرحته في تقريري هذا العام للدورة 46 لمؤتمر العمل العربي حول ” علاقات العمل ومتطلبات التنمية المستدامة ” محاولاً رسم تقاطعات بين مستقبل سوق العمل وواقع القوى العاملة والتشريعات الناظمة لها ، ودور الشراكة الحقيقية بين أطراف الإنتاج ، للوصول الى علاقات عمل غير تقليدية ومستدامة في ظل التطور التكنولوجي وأنماط التشغيل الحديثة وضمان تمتع العمال بالحقوق الأساسية والحماية الاجتماعية المتكافئة للجميع ، ليخرج بمقترحات تدعم الدول العربية في تحقيق الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية لخطة التنمية المستدامة 2030.
لن يكون مستقبل العمل في المنطقة العربية أكثر إشراقاً ، ولن يكون هناك عمل لائق ومستدام بدون أن نتحمل جميعاً ، منظمات وأطراف إنتاج ، مسؤولية ما يحدث لعمال وشعب فلسطين والأراضي العربية المحتلة .
فكيف يمكننا تحقيق العمالة المنتجة والكاملة في اقتصاد محاصر ومخنوق ؟ وكيف يمكننا أن نخضر اقتصاد حرقه الاحتلال الإسرائيلي بالكامل ، وكيف يمكننا أن نستثمر في الانسان الفلسطيني الذى يفتقر الى الخدمات الأساسية للحياة الكريمة؟
إن مواصلة الاحتلال الإسرائيلي لسياسته العنصرية وانتهاكاته اليومية والتصرف كدولة فوق القانون والأعراف الدولية ، تكرس حالة من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة برمتها ، وتفشل أي محاولة لإنعاش العقد الاجتماعي للأجيال المقبلة.
لنتعاون معاً .. يداً واحدة لبناء مستقبل العمل في فلسطين المحتلة، وادعو الجهات المانحة في العالم للاستثمار في طاقاتها البشرية الواعدة وفى مؤسساتها ، والمساهمة في تحويل الاقتصاد الفلسطيني لتعزيز العمل اللائق والمستدام ، من خلال الاستثمار في بعض قطاعات الأعمال المستدامة كالطاقة المتجددة وتمكين البنية التحتية الداعمة.
وهنا أجدد دعوتي لمنظمة العمل الدولية وأطراف الإنتاج الثلاث في العالم لعقد مؤتمر للمانحين لدعم الصندوق الوطني الفلسطيني للتشغيل والحماية الاجتماعية.
ختاماً … أتمني لأعمال هذا المؤتمر كل النجاح والتوفيق.