تتابع منظمة العمل العربية باهتمام كبير وقلق بالغ ما جرى ويجرى فى عدد من الدول العربية وتحليل أسبابه وآثاره على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وعلى الأمن القومى وحاضر الأمة ومستقبل أجيالها ..
ومن منطلق الشعور بالواجب وأمانة المسئولية وفقا للميثاق العربى للعمل ودستور منظمة العمل العربية ، فإن المنظمة ترى أن بداية التحركات السلمية للشباب والجماهير كانت بسبب ظروف اجتماعية ناجمة عن الفقر والبطالة وانعدام الأمل فى الحصول على عمل ، وأن غياب الحريات وانعدام الديمقراطية السليمة وضعف الحوار الاجتماعى وعدم مصداقيته ، كانت جميعها عوامل فاقمت من الأزمات وأدت إلى انفجار الأوضاع بشكل حاد . فوجدت أبواب الحوار حينا ، وسياسة العصا الغليظة ولغة الرصاص أحيانا أخرى ، وآلت النتائج إلى ما آلت إليه فى عدد من الدول العربية ، ولازال الحراك فى عدد آخر من الدول العربية يراوح بين الحوار حينا وعرض العضلات أحيانا .. وفى حين بدأت دول عربية فى إجراءات استباقية لتقدير وتلبية مطالب شعوبها حفاظا على الهدوء والاستقرار والأمن الوطنى ، فإن من المؤسف أن تصل الأمور إلى ما وصلت إليه فى ليبيا من إفراط فى استخدام القوة وترويع لأبناء الشعب ونهب للممتلكات ، وضرب المظاهرات السلمية بمختلف أنواع الأسلحــة ..
أمام هذا الواقع الذى يؤلمنا كثيرا لأننا طالما نادينا وحذرنا من البطالة والفقر وضرورة إيجاد فرص العمل للشباب وتوفير الحماية الاجتماعية ، والسعى لتحقيق العدالة الاجتماعية والنهوض بمستوى معيشة الطبقات الفقيرة وأوصلنا صوتنا ووضعنا ملف كل ذلك أمام مؤتمر القمة العربية الاقتصادية والتنموية والاجتماعية الذى عقد فى الكويت مطلع عام 2009 ، والقمة العربية الاقتصادية الثانية فــــــى شرم الشيخ 2011 ، ورغم التجاوب بصدور القرارات بشأنها عن القمة ، إلا أنها لم تترجم إلى إجراءات وحلول عملية ، وكانت حركة الشعوب أسرع وأقوى .. وأمام سقوط الكثير من الضحايا ، وتعطل آلة الإنتاج والحلول السريعة وغير المدروسة من أجل التهدئة وآثارها على التضخم وزيادة الديون الداخلية والخارجية وتفاقم العجز فى موازنة بعض الدول وأثر كل ذلك فى زيادة البطالة وعدم القدرة على خلق فرص عمل جديدة للشباب ..
إننا ونحن نستنكر بشدة وندين كل مظاهر العنف المسلح فى التعامل مع الشعوب فإننا نطالب بـ :
أولا : وقف أعمال العنف والرصاص الموجه لصدور الشباب العزل ومحاسبة المسئولين عن ذلك بكل حزم .
ثانيا : حماية العمال العرب الوافدين فى أرواحهم وأموالهم وتجنيبهم أعمال العنف المسلح ، وضمان حقهم فى مدخراتهم وأجورهم وتأميناتهم الاجتماعية.
ثالثا : صيانة واحترام حقوق الإنسان فى كل الظروف وتمكين المنظمات الإنسانية من تقديم خدماتها لضحايا العنف المسلح .
رابعا : وضع قضية تشغيل الشباب والتصدى لظاهرة البطالة فى أولويات خطط التنمية وموازنات الدول العربية واهتماماتها .
خامسا : تعزيز الحوار الاجتماعى على كافة المستويات أفقيا ورأسيا ، وأن يتميز بالجدية وسرعة التجاوب الإيجابى وإيجاد الحلول الواقعية والمناسبة .
سادسا : تنمية وصيانة البناء الديمقراطى فكرا وممارسة ونهج حياة ، وأن يشمل كل فئات ومكونات المجتمع وعلى كافة المستويات .
سابعا : اعتماد الشفافية وتعزيز حرية الرأى والفكر والتعبير ، والتركيز على صدقية وحرية الإعلام الرسمى والتصاقه بآمال وتطلعات الشعوب .
ثامنا : التصدى لكل أشكال الفساد المالى والإدارى ومحاربة الواسطة والمحسوبية ، حتى تتعزز الثقة بين المواطن والمسئول .