عمالنا الصامدون..يشرفنا أن نتقدم لكم بتحية إجلال وفخر واعتزاز لكفاحكم المضني والمتواصل لكسب الرزق والعيش الكريم في هذه الظروف الاستثنائية وغير المسبوقة التي تمر بها دولنا العربية والعالم؛ جراء جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية التي شكلت تحدياً مباشراً لكم ولأسركم.
إن الإغلاق الكامل والجزئي وتعليق الأنشطة الاقتصادية، كان له تأثير مباشر على الوظائف والأجور وسبل عيش العمال وأسرهم، فتراجع دخل العامل وانخفضت ساعات عمله، إلى جانب التعطل التام للعاملين في قطاعات معينة، وهذا أدى إلى دخول الدول العربية في أزمة غير مسبوقة مع ارتفاع معدلات البطالة، حيث انضم كثير من العمال إلى صفوف العاطلين عن العمل، وكان النساء والشباب والعاملون المياومون وأغلبهم في الاقتصاد غير المنظم أكثر المتضررين. وكلما طال أمد هذه الأزمة، زاد تعرض هذه الفئات لخطر الوقوع في براثن الفقر المدقع.
الحماية الاجتماعية حق لكل عامل…
تعتبر العدالة الاجتماعية هدفاً أساسياً من الأهداف التي نص عليها الميثاق العربي للعمل، فالحماية الاجتماعية هي حق لكل مواطن، والسبيل لضمان شروط وظروف أفضل للعمل، وفق ما نص عليه دستور منظمة العمل العربية. وتسعى المنظمة منذ بدء الجائحة إلى ضمان امتثال أطراف الإنتاج لأحكام اتفاقيات وتوصيات العمل العربية، من خلال دعم الحكومات، وأصحاب العمل، وتمكين العمال من الحفاظ على مكتسباتهم خلال هذه الأزمة. لقد نفذت منظمة العمل العربية خلال العام المنصرم العديد من الأنشطة لصالح أطراف الإنتاج الثلاث، كما أصدرت البيانات والوثائق والدراسات والتقارير التي ترصد الواقع الراهن وسبل الاستجابة للجائحة ، وتهدف هذه الفعاليات في نهاية المطاف إلى حماية العمال في مكان العمل، والدعم المتواصل لحقوقهم، التي نصت عليها اتفاقيات وتوصيات العمل العربية.
استجابة الاتحادات العمالية والعمال وممثليهم لجائحة كوفيد-19
لعب العمال وممثليهم دوراً هاماً في الاستجابة لجائحة كوفيد-19 على مستوى المنشآت من خلال المشاركة في صنع القرار، وتنفيذ تدابير الوقاية بشكل فعال، وينطبق هذا أيضًا على التدابير المتخذة في أماكن العمل؛ من حيث التزامهم بدقة بالقواعد الصحية وتبني سلوكيات مسؤولة مع الزملاء والمحيط. وكان للاتحادات العمالية دور بارز على المستوى الوطني كشريك أساسي في الحوار الاجتماعي كما ساهمت الاتحادات في رفع مستوى الوعي لدى العمال وحثهم على الالتزام بالتعليمات والتدابير الوقائية في مكان العمل، وتقديم الدعم النفسي لهم أثناء الحجر الصحي أو العزل المنزلي وتزويدهم بمعلومات عن مصادر الدعم والمشورة المتاحة، للحد من انتشار فيروس كورونا والتخفيف من تأثيراته.
الحوار الاجتماعي… السبيل الأمثل لتحقيق التعافي
تدعو منظمة العمل العربية أطراف الإنتاج الثلاثة إلى تعزيز الحوار الإجتماعي وإرساء دعائمه بين الحكومات والشركاء الاجتماعيين ومنظمات المجتمع المدني، من خلال الاستماع إلى رؤى النقابات العمالية وتفعيل مشاركة العمال في وضع السياسات الوطنية لتحقيق العمل اللائق والمستدام؛ وفق ما نصت عليه معايير العمل العربية والدولية وخاصة فيما يتعلق بالحقوق والحريات النقابية، وتوفير الحد الأدنى من الأجور، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، والحفاظ على المكتسبات العمالية وخاصة في فترة ما بعد كورونا لضمان حياة كريمة للعمال وأسرهم، بوصفه المسار الصائب نحو الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والعدالة الاجتماعية؛ لتحقيق التعافي والخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر.