تشهد القاهرة يوم الأحد الموافق 14 أبريل / نيسان 2019 في الساعة العاشرة صباحاً، افتتاح أعمال الدورة 46 لمؤتمر العمل العربي في فندق انتركونتيننتال سيتي ستارز، يشارك في أعمال المؤتمر أصحاب المعالي السادة الوزراء، ورؤساء وأعضاء وفود منظمات أصحاب العمل والاتحادات العمالية، والأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والسادة ممثلي المنظمات العربية والدولية، والاتحادات النوعية والمهنية العربية.
تبنت معظم الدول العربية اليوم خططاً وبرامج تتواءم مع خطة التنمية المستدامة 2030 والتي تضعنا أمام مسؤوليات جسام تتطلب عملاً جاداً ودؤوباً يستثمر كل طاقات المجتمع وموارده وثرواته بشكل شامل ومستدام، فجاء التقرير المعروض على جدول أعمال المؤتمر هذا العام تحت عنوان “علاقات العمل ومتطلبات التنمية المستدامة”، ليقاطع بين مستقبل أسواق العمل العربية وواقع القوى العاملة، ودور الشراكة الحقيقية بين أطراف الإنتاج الثلاثة بهدف المساهمة في تحقيق خطط ورؤى التنمية المستدامة في الدول العربية بشكل تكاملي وفعال.
يتناول تقرير المدير العام دور علاقات العمل في إيجاد الحلول لأنماط العمل الجديدة في عصر “الأتمتة” والحكومات الإلكترونية، والتحول نحو اقتصاد المعرفة والذكاء الصناعي والعمل عن بعد، التي تستوجب جميعها تحديث علاقات العمل لاستيعاب النمو والتطور الحاصل في الأشكال الجديدة للعمل، ويعرج التقرير على واقع التنمية الاقتصادية في الدول العربية، والمتغيرات الحاصلة في الأنماط الاجتماعية المرتبطة بتقلبات السوق استناداً إلى البيانات الصادرة عن عدد من المؤسسات والمنظمات العربية والدولية، كما يتناول تشريعات و معايير العمل العربية، ويستعرض ضمن إطار شامل دور علاقات العمل وإسهاماتها المفترضة في تحقيق التنمية المستدامة، ويقدم شروحات وحلولاً بشأن أفضل الممارسات والسياسات الكفيلة بتطوير الوضع القائم وإجراء الإصلاح المنشود لأسواق العمل العربية ضمن استراتيجيات وطنية، تشمل كافة أطراف العملية الإنتاجية، كما يقترح التقرير عدداً من الحلول الواقعية لما استجد من عوائق تحول دون تفعيل مبدأ الشراكة الرسمية مع المجتمع المدني، بحيث يشمل الحوار بين أطراف العملية الإنتاجية كل المستجدات الحاصلة في سوق العمل، ذلك أن هذه القوى مجتمعة هي الذراع المؤسسي الضامن لتحقيق التنمية المستدامة، والتخطيط لها، وتنفيذها، ورصدها وتقييمها، وتعتبر علاقات العمل الجيدة استثماراً بعيد المدى في التنمية والسلام الاجتماعي وبشكل خاص تحقيق الهدف الثامن المكرس لتعزيز النمو الاقتصادي المطّرد والمستدام والشامل، وتوفير العمل اللائق للجميع.
وإن العمل على تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين استخدام الموارد وزيادة معدلات الإنتاجية يستوجب مضاعفة الجهود لتحقيق المزيد من تحسين بيئة الأعمال في الدول العربية واستحداث الفرص الاستثمارية، والاستمرار في إصلاح المناخ الاستثماري من خلال تطوير التشريعات الناظمة لبيئة الأعمال وإجراء تعديل شامل لحوافز الاستثمار خصوصاً ما يتعلق بالاستثمار في اقتصاد المعرفة، وكل ذلك لا يمكن أن يتحقق دون تطوير مناهج وأساليب علاقات العمل بين أطراف الإنتاج.
كما يستعرض المؤتمر بندين فنيين:
- البند التاسع تحت مسمى: “تعزيز دور الاقتصاد الأزرق لدعم فرص التشغيل” الذي يؤكد على أهمية الحفاظ على المسطحات المائية وإدارتها السليمة لاستثمارها بالشكل الأمثل، لتوفر لنا بالمقابل الكثير من فرص العمل، خاصة وأن الدول العربية تمتلك آلاف الكيلومترات من السواحل التي تزخر بثروات طبيعية تساهم في تنويع مصادر الدخل، وتحسين معدلات النمو لديها، بما يسهم في تخفيض معدلات الفقر والحد من ظاهرة البطالة المستفحلة، وإيجاد فرص عمل قائمة على قاعدة من الموارد المتنوعة في إطار مسطحات مائية سليمة.
اعتمد البند في سياق تناوله موضوع الاقتصاد الأزرق على الهدفين (8 ، 14) من أهداف التنمية المستدامة 2030 ، حيث عُني الهدف الثامن بتعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة وتوفير العمل اللائق للجميع، بينما عُني الهدف الرابع عشر بحفظ المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام لتحقيق التنمية المستدامة، هذا إضافة إلى الهدف (الثاني) من أهداف الاستراتيجية العربية لتنمية القوى العاملة والتشغيل والذي نص على ” ربط تنمية الموارد البشرية بأوجه التنمية البشرية الأخرى من دخل مجز وصحة مصانة ومعرفة متاحة ومشاركة مدعومة وبدائل معروضة وتمكين مخطط “، وهذا يستدعي تعزيز مكانة هذا الاقتصاد بين الاقتصاديات الأخرى في الدول العربية من خلال زيادة الوعي به وبموارده ومكوناته الحيوية، والتعرف على فرص التشغيل الكامنة به.
وخلص البند إلى أهمية تعزيز الاقتصاد الأزرق والاعتماد على موارده في إيجاد فرص العمل اللائقة في الدول العربية، الأمر الذي يتطلب المبادرة بتبني السياسات الملائمة وإقرار الخطط والبرامج الكفيلة بتهيئة البيئة المناسبة، واعتماد استراتيجية شاملة ومتكاملة ترتكز على الشراكة بين القطاعين العام والخاص لاستغلال الإمكانات الكبيرة للاقتصاد الأزرق بهدف تسريع النمو وتحقيق التنمية المستدامة وتحفيز الاستثمارات وإعادة توجيهها نحو قطاعاته، ووضع أطر لممارسة الأعمال التجارية والاستغلال الأمثل للموارد البحرية على نحو مستدام، واتخاذ الإجراءات المناسبة لإزالة العوائق التي تحول دون قيامه بدوره أو تطويره باستخدام أحدث التقنيات، بما يعظم من قيمته وعوائده الاقتصادية والاجتماعية في الدول العربية.
- البند العاشر تحت عنوان “دور التكنولوجيا الحديثة في إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل” حيث أن الانخراط في عملية تنموية شاملة ومستدامة يتطلب إدماج جميع مكونات المجتمع وكافة فئاته للاستفادة من قدراتهم في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.
يتناول البند تحليلاً لواقع الأشخاص ذوي الإعاقة من خلال تطور النظرة إلى قضية الإعاقة، وتحول التعامل معها من كونها قضية رعائية إلى رؤية جديدة تشمل العوامل البيئية والاجتماعية، وتقر بوجود حواجز في المجتمع تؤدي إلى العزلة والتهميش للأشخاص ذوي الإعاقة، و تستلزم التدخل لكسر هذه الحواجز للاستفادة من قدراتهم الكامنة في تنمية المجتمع، فإقصاء الأشخاص ذوي الإعاقة يمثل هدراً حقيقياً لفئة هامة من الموارد البشرية في المجتمع. كما يبرز البند أهمية دور تكنولوجيا المعلومات والاتصال كعامل أساسي لدفع عجلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وكيفية استثمارها والاستفادة منها للنهوض بواقع الأشخاص ذوي الإعاقة، حيث أتاحت التكنولوجيا فرصاً لا حدود لها لمشاركتهم في سوق العمل، وأزالت الكثير من العوائق التي كانت تعترض طريق انخراطهم في الحياة العملية.
ويستعرض البند أيضاً طرق استخدام تطبيقات التكنولوجيا الحديثة لتلائم احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة، وكيف يمكن الاستفادة من التقنيات في دعم التشغيل من خلال الأنماط الجديدة للعمل، ويقدم رؤية حول تطوير آليات البحث عن فرص العمل باستخدام التكنولوجيا الحديثة من خلال تطوير مواقع التوظيف الالكتروني بحيث تكون صديقة للأشخاص ذوي الإعاقة، كما يتناول مفهوم بيئة العمل المساندة للأشخاص ذوي الإعاقة وكيف يمكن باستغلال التكنولوجيا الوصول إلى بيئة عمل جاذبة تعمل على ضمان حقوقهم في المشاركة الكاملة.
ومن الجدير بالذكر أن مؤتمر العمل العربي هذا العام سيشهد انتخاب المدير العام لمنظمة العمل العربية، وجلسة خاصة بأوضاع عمال وشعب فلسطين،هذا إلى جانب تكريم الكوكبة السادسة من رواد العمل العرب المؤلفة من 24 رمزاً من 15 دولة عربية، حيث واظبت منظمة العمل العربية كل ثلاث سنوات على تكريم رواد العمل من أطراف الإنتاج الثلاثة في الدول العربية، وذلك منذ أن أقره مؤتمر العمل العربي في دورته 30 عام 2003.
إضافة الى ذلك يستعرض جدول أعمال المؤتمر عدداً من البنود التي تقدم تقاريرعن نشاطات وإنجازات المنظمة، ومجلس إدارتها واللجان النظامية المعنية بالحريات النقابية والخبراء القانونيين وشؤون عمل المرأة العربية؛ ولجنة تطبيق الاتفاقيات والتوصيات، وبهدف توحيد المواقف والرؤى العربية يناقش المؤتمر مذكرة المدير العام لمكتب العمل العربي للدورة 108 لمؤتمر العمل الدولي 2019.