المطيري: “فلنجعل منظومة التدريب والتعليم التقني والمهني بوابةً واسعةً لولوج أسواق العمل”

برعاية كريمة من معالي الدكتور خالد محمود محمد البكار، وزير العمل بالمملكة الأردنية الهاشمية، عقدت منظمة العمل العربية في العاصمة عمان خلال الفترة 16-17 ديسمبر -كانون الأول 2025، الندوة العربية حول “تطوير منظومة التدريب والتعليم التقني والمهني لصناعة رواد أعمال المستقبل”.

وحضر الجلسة الافتتاحية كلٌّ من: معالي الأستاذ فايز علي المطيري، المدير العام لمنظمة العمل العربية، ومعالي الدكتور خالد محمود محمد البكار، وزير العمل بالمملكة الأردنية الهاشمية، وعطوفة أمين عام وزارة العمل الدكتور عبد الحليم دوجان، وسعادة السيد محمد العبيدلي المدير العام لمجلس وزراء العمل والشؤون الاجتماعية في مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والدكتور يوسف العبدالات مساعد رئيس هيئة الاعتماد وضبط الجودة، والدكتور حازم الرحاحلة مدير عام غرفة صناعة الأردن، والسيد خالد أبو مرجوب نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، إلى جانب عددٍ من السيدات والسادة الخبراء، وبمشاركة 50 مشاركًا ومشاركة يمثلون أطراف الإنتاج الثلاثة في 13 دولة عربية.

وفي الجلسة الافتتاحية ألقى معالي الأستاذ فايز علي المطيري، المدير العام لمنظمة العمل العربية، كلمة قال فيها: “يشهد عالم العمل تحوّلاتٍ عميقة بفعل الثورة الرقمية وتسارع الابتكار التكنولوجي؛ تحوّلاتٌ أعادت صياغة أسس الاقتصاد العالمي. فقد تراجع الاعتماد على كثافة اليد العاملة غير الماهرة، لصالح المعرفة الرقمية، والقدرات والمهارات الابتكارية، لتصبح هذه العناصر المحرك الرئيسي للنمو والتنافسية، والمحدد لموقع الدول على خريطة الاقتصاد العالمي”.

وأشار إلى أن هذا الواقع يفرض على الحكومات وشركائها الاجتماعيين أن يطوّروا استجابات استراتيجية تسد فجوة المهارات، وتضمن انتقالًا عادلًا ومستدامًا، يحفظ كرامة العامل ويعزّز الإنتاجية.

 وأضاف معاليه: “في بعض دولنا العربية، تتقاطع هذه التحوّلات مع تحديات اقتصادية واجتماعية، وتزيدها الأزمات والصراعات تعقيدًا؛ من ارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب والنساء، إلى هشاشة أوضاع فئات واسعة من العمال في الاقتصاد غير المنظم، مرورًا باتساع الفجوة بين مخرجات أنظمة التعليم والتدريب وبين المهارات المطلوبة في أسواق العمل؛ بما يستدعي تحركًا سريعًا لإعادة تصميم السياسات والبرامج ذات الصلة، ومراجعتها وتقييم أدائها بمؤشرات قياس معتمدة، وإدخال التحسينات اللازمة بشكلٍ مستمر”.

ونوّه إلى تجارب دولٍ استثمرت مبكرًا في التعليم التقني والمهني وربطته بالابتكار وريادة الأعمال، وحققت مستوياتٍ أفضل من النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية، بما يؤكد أن تطوير منظومة التدريب والتعليم التقني والمهني يُعد من أنجع الحلول لمواجهة البطالة الهيكلية وتقليص الفجوة بين العرض والطلب في سوق العمل، وأن نجاح هذا الإصلاح مرهون بفاعلية الشراكة بين أطراف الإنتاج الثلاثة.

وأكد  معاليه على ضرورة إعادة الاعتبار إلى الإرشاد والتوجيه المهني، كأداة تساعد الشباب على اختيار المسار التعليمي والمهني الملائم لوظائف المستقبل، وتوجيههم نحو تخصصات تقنية ومهنية عالية القيمة المضافة، وربط ذلك بسياسات تحفيزية للاستثمار في القطاعات الإنتاجية، بما يخفّف الضغط عن المسارات التقليدية المحدودة الاستيعاب، مشيراً إلى أن منظمة العمل العربية حققت خلال السنوات الأخيرة خطواتٍ مهمة في هذا الاتجاه، من خلال تحديث الاستراتيجية العربية للتدريب والتعليم التقني والمهني، وإقرار وثيقة إعلان المبادئ بشأن مستقبل الموارد البشرية في ظل الثورة التكنولوجية واعتمادها من القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة (بغداد/ 2025)، وكذلك الاستراتيجية العربية لريادة الأعمال التي أقرها مؤتمر العمل العربي في دورته (51). كما أصدرت المنظمة، اتفاقية العمل العربية رقم (21) لعام 2024 بشأن التوجيه والتدريب المهني (معدّلة)، لتشكّل دعامة تشريعية وسياساتية تعزّز دور الإرشاد المهني، وتأهيل القوى العاملة.

وأضاف “المطيري” :  “ونحن نشارف على نهاية هذا العام الذي أتمّت فيه منظمة العمل العربية ستة عقود على تأسيسها، نؤكد أن هذه المحطة التاريخية كانت حافزًا لمواصلة رسالتنا في خدمة أطراف الإنتاج الثلاثة في الدول العربية، وتقديم كل دعم ممكن للدفع بمسارات التنمية، وجسر فجوة المهارات، وترسيخ قيم العدالة الاجتماعية والعمل اللائق. ومسؤوليتنا المشتركة تقتضي ألّا يتخلّف شبابنا عن الركب؛ فلنجعل منظومة التدريب والتعليم التقني والمهني بوابةً واسعةً لولوج أسواق العمل، وصناعة جيل قادر على المنافسة والابتكار وبناء مستقبل أكثر ازدهارًا لأوطاننا”.

ومن جانبه، أكد معالي وزير العمل: “إن تطوير منظومة التدريب والتعليم التقني والمهني لم يعد ترفًا، بل أصبح ضرورة للنهوض بالاقتصادات العربية، من خلال تمكين الشباب العربي بالمهارات المهنية والتقنية التي تحتاجها أسواق العمل العربية والعالمية، ومواكبة التطور الهائل الذي فرضته الثورة الرقمية في العالم”.

وأشار معاليه إلى أن متغيرات سوق العمل أصبحت كبيرة وسريعة في ظل الثورة التكنولوجية الهائلة التي طالت العالم بأسره؛ إذ اختفت وظائف وبرزت وظائف جديدة، وسيختفي عدد كبير من الوظائف التقليدية في الأعوام القليلة المقبلة، ما يتطلب استعدادًا حقيقيًا لتوفير كوادر بشرية عربية من الشباب العربي لمواكبة متغيرات واحتياجات سوق العمل، وإلا أصبح الشباب عبئًا على أنفسهم وأسرهم ودولهم، مشدداًعلى أهمية تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص عبر شراكات عملية لمواءمة البرامج التعليمية مع المتغيرات المتلاحقة ومتطلبات السوق، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في مجال التدريب المهني والتقني. كما أكد ضرورة تغيير الصورة النمطية المجتمعية عن التعليم المهني والتقني، من خلال منح الشباب شهادات مزاولة مهنة معتمدة، وإطلاق حملات إعلامية وتثقيفية تُبرز قصص النجاح لتغيير ثقافة الأهل وتشجيعهم لأبنائهم وبناتهم على الالتحاق بالمسارات المهنية والتقنية.

وأوضح “البكار ” أن مؤسسة التدريب المهني، لتحقيق مستهدفات رؤية التحديث الاقتصادي، خصصت برامج للتدريب المنتهي بالتشغيل، وتأهيل العمالة الأردنية للأسواق الإقليمية والدولية، وبرامج ريادة الأعمال المهنية، وبرامج الأعمال الحرة في التجارة الرقمية. مضيفًا أن الحكومة الأردنية عملت على تطوير معاهد ومراكز مؤسسة التدريب المهني والبنية التحتية، وتطوير قدرات المدربين بما يواكب تطوير البرامج الخاصة بالتدريب المهني والتقني.

وتضمنت الندوة، التي استمرت يومين، أربع جلسات ناقشت مجموعة من الموضوعات حول: واقع منظومة التدريب والتعليم المهني والتقني في ظل التحول الرقمي، ومنظومة التدريب والتعليم المهني والتقني ومهارات المستقبل، والاتجاهات المستقبلية لصناعة رواد المستقبل، ودور الإرشاد والتوجيه المهني في تعزيز فرص التشغيل.

وخلصت الندوة العربية حول تطوير منظومة التدريب والتعليم التقني والمهني لصناعة رواد أعمال المستقبل إلى مجموعة من التوصيات، أبرزها:

  • تحديث الاستراتيجيات الوطنية للتعليم والتدريب التقني والمهني لتتواءم مع متطلبات الاقتصاد الرقمي ومهارات المستقبل.
  • دمج مهارات ريادة الأعمال في المناهج والسياسات التعليمية لقطاع التعليم والتدريب المهني والتقني.
  • تفعيل دور الإعلام ونشر ثقافة العمل الحر وريادة الأعمال بين الشباب عبر حملات توعية، مع إبراز قصص نجاح لخريجي التعليم والتدريب التقني والمهني لإعادة بناء الثقة بهذا المسار.
  • تطوير برامج تدريبية مرنة تتيح التعلم مدى الحياة وإعادة التأهيل المهني، بما يشمل المهارات الرقمية والتقنيات الحديثة وإدارة المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
  • تشجيع القطاع الخاص على المشاركة في إعادة تدريب وتأهيل الخريجين لسوق العمل من خلال حوافز ضريبية وبرامج دعم ريادية مشتركة.
  • تعزيز دور النقابات العمالية للمشاركة في الاستراتيجيات الوطنية للتعليم والتدريب التقني والمهني لضمان توافقها مع احتياجات العمال والاقتصاد الرقمي.
مواضيع ذات الصلة