“المطيري” من تونس: “لنُجدّدَ معًا التزامَنا الجماعيّ تجاهَ قضايا التّنميةِ الاجتماعيّةِ كأولويّةٍ استراتيجيّة”
بدعوة كريمة من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية (قطاع الشؤون الاجتماعية) شارك معالي الأستاذ فايز علي المطيري المدير العام لمنظمة العمل العربية في الاجتماع العربي الاقليمي رفيع المستوى للتحضير لمؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية وذلك في تونس العاصمة خلال الفترة 30 يونيو-حزيران ولغاية 1 يوليو- تموز 2025.
وفي الجلسة الافتتاحية ألقى أصحاب المعالي والسعادة كلمات رئيسية جاءت على التوالي: معالي السيد محمد علي النفطي – وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج بالجمهورية التونسية. معالي السيد عصام الأحمر – وزير الشؤون الاجتماعية بالجمهورية التونسية و معالي السيد أسامة بن صالح العلوي – وزير التنمية الاجتماعية بمملكة البحرين،و رئيس الدورة (44) لمجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، وسعادة السيدة بثينة بنت علي الجبر النعيمي – وزير التنمية الاجتماعية والأسرة بدولة قطر، وسعادة السفير ماجد عبد الفتاح – الممثل الدائم لجامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة. سعادة السيدة بيورغ سانديكار- الأمين العام المساعد للأمم المتحدة لتنسيق السياسات في إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية ، وصاحب السمو الملكي الأمير مرعد بن رعد بن زيد الحسين – رئيس المجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، المملكة الأردنية الهاشمية في (كلمة مسجلة). ومعالي الدكتورة سماح حمد – وزيرة التنمية الاجتماعية بدولة فلسطين.
استهل “المطيري ” كلمته بالقول “ليس من قبيل الصدفة أن يعقد هذا الاجتماع العربي–الإقليمي رفيع المستوى، في رحاب تونس الخضراء …. في قرطاج، مهد الحضارة الإنسانية، وصانعة التاريخ السياسي والفكري. فمن داخل أسوارها العتيقة تشكّلَ أولُ مجلس عموم، وأولُ مجلس شيوخ، وبأيدي رجالاتها خُطَّ دستور قرطاج، أحد أقدم وأعرق الدساتير المكتوبة في تاريخ البشرية”.
مضيفاً :” وها نحن اليوم، نجتمع هنا في زمن التحولات الاقتصادية والاجتماعية العميقة، حيث يُعاد رسم ملامح التنمية والعمل تحت وطأة تحديات مركبة وأزمات متشابكة، تزيد من تعقيد مشهدنا العربي. وتبرز الحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى بناء شراكات إقليمية ودولية فاعلة، وإلى تعزيز آليات الحوار الاجتماعي بين أطراف الإنتاج الثلاثة: الحكومات، وأصحاب العمل، والعمال، كي نعيد رسم مسارات التنمية الاجتماعية في منطقتنا على أسس أكثر عدالة وإنصافًا”.
وأشار معالي المدير العام لمنظمة العمل العربية إلى أن بعض الدول العربية لا تزال تتعافى من أزمات متراكمة عمّقت هشاشتها، منوهاً إلى أن مثل هذه الأزمات “تعيدنا خطوات إلى الوراء وتضعنا جميعًا أمام اختبار لقدرتنا الجماعية على الصمود ومواجهة التحديات”.
وأكّد معاليه أهمية القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية التي ستعقد في الدوحة نوفمبر 2025، قائلاً: ” لنُجدّدَ معًا التزامَنا الجماعيَّ تجاهَ قضايا التّنميةِ الاجتماعيّةِ كأولويّةٍ استراتيجيّة، لتسريعِ الجهودِ نحوَ بُلوغِ أهدافِ خطّةِ التّنميةِ المستدامة 2030، وسدِّ الفجواتِ على مستوى تنفيذِها، ” وخاصة الهدف الثامن المتعلق بتحقيق النمو الاقتصادي المطرد والشامل وتوفير العمالة الكاملة والعمل اللائق للجميع.
وأوضح أن تحقيق هذا الهدف يترابط بشكل وثيق مع بقيّة الأهداف، وعلى رأسها القضاء على الفقر، وأن أي تعثر في هذا المسار سينعكس سلبًا على استقرار المجتمعات وقدرتها على التعافي والنمو.
وأبرز معاليه أن التشغيل يمثل ركيزة من ركائز التنمية المستدامة، في وقت تشهد فيه المجتمعات العربية تحولات عميقة من التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي إلى التغيرات المناخية والفجوة بين الفرص والمهارات، ما يفرض تسريع الجهود لبناء اقتصادات مستدامة قائمة على الإنصاف والفرص المتكافئة.
وتحدث عن جهود منظمة العمل العربية على مدى أكثر من ستة عقود، كونها «بيت خبرة في قضايا العمل والعمال»، إذ أطلقت العديد من المبادرات مثل “عقدٌ اجتماعيٌّ جديد: الحوارُ الاجتماعيُّ سبيلُنا نحوَ مستقبلٍ آمنٍ وعادلٍ ومستدام”. وتمّ التوافقُ على هذه المبادرة بينَ أطرافِ الإنتاجِ الثّلاثة، كإطارٍ لبناءِ الثقةِ، وتحقيقِ التوازنِ بينَ الحقوقِ والواجبات، وقدِ اعتمدتْها القمّةُ العربيّة الثّالثة والثّلاثونَ.
وتناول معاليه قضية فلسطين، قائلاً: “وفي معرض حديثنا عن التنمية الاجتماعية، كيف لنا أن نتحدث عن العدالة والإنصاف، بينما عمّال وشعب فلسطين لا يزالون خلف الركب؟”، مندداً بغارات الاحتلال في غزة التي حصدت أرواح العشرات من الشهداء خلال اليومين الأخيرين، بينهم نساء وأطفال، فيما يواجه آلاف الأطفال خطر الموت بسبب نقص الغذاء والدواء. وأضاف معاليه أن هذه مأساة إنسانية موجعة، تذكّرنا بأن التنمية الاجتماعية لا تعرف حدودًا جغرافية، ولا تزدهر إلا في ظل سلام عادل وشامل.
وجدد تهنئته لعمال وشعب فلسطين وللدول العربية بمناسبة منح دولة فلسطين مركز دولة غير عضو بصفة مراقب في منظمة العمل الدولية، مؤكدًا أن “هذا الإنجاز التاريخي ثمرة جهود حثيثة، قادتها منظمة العمل العربية بالتنسيق مع المجموعة العربية والأعضاء العرب في مجلس إدارة منظمة العمل الدولية”.
وختم معاليه كلمته قائلاً: “أنّنا في منطقتِنا العربية لا تنقُصُنا الخِبرات والمهارات، بل ينقصنا الاستقرار والأمن والسلام”، مؤكداً: “نحن نمتلكُ من الطّاقاتِ والمواردِ ما يجعلُنا قادرينَ على تقديمِ نموذجٍ تنمويٍّ مُتكامل، يَضعُ الإنسانَ في قلبِ التّنميةِ، ويستثمرُ في رأسِ المالِ البشريّ، ويُعزّزُ الشّراكةَ بينَ الحُكوماتِ وأطراف الإنتاج والمجتمع، ويجعلُ من العملِ المُنتجِ واللّائق التزامًا سياسيًّا، ومن العدالةِ الاجتماعيّة واقعًا ملموسًا”.