الدورة الخمسون لمؤتمر العمل العربي تفتتح أعمالها

على ضفاف دجلة الخالدة وعلى أرض العراق،  اجتمع الشمل مجدداً في دورة متميزة في تاريخ منظمة العمل العربية برعاية وحضور دولة رئيس مجلس الوزراء، الأستاذ محمد شياع السوداني، ومشاركة معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية الأستاذ أحمد أبو الغيط، ومعالي السيد جلبيرت هونجبو المدير العام لمنظمة العمل الدولية، افتتح مؤتمر العمل العربي أعماله في فندق الرشيد في بغداد، برئاسة معالي وزير العمل والشؤون الاجتماعية الاستاذ أحمد الأسدي.

يشارك في أعمال المؤتمر ما يقارب من  350 مشاركاً ومشاركة من أصحاب المعالي والسعادة السادة الوزراء، ورؤساء وأعضاء الوفود من منظمات أصحاب العمل والاتحادات العمالية من 21 دولة عربية، وممثلو الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، والسادة ممثلو الاتحادات المهنية والمنظمات العربية والدولية، وعدد من السادة السفراء والشخصيات البارزة في جمهورية العراق.

استهل حفل الافتتاح بالنشيد الوطني العراقي وآيات من الذكر الحكيم وبدأت الجلسة الافتتاحية بكلمات رئيسية لأصحاب المعالي والسعادة  ضيوف المنصة

“المري” :  خمسون دورة على التئام هذا الجمع المبارك

أول المتحدثين في الجلسة الافتتاحية سعادة الدكتور/ علي بن صميخ المري وزير العمل في دولة قطر ، رئيس مجلس إدارة منظمة العمل العربيةمتقدماً باسم مجلس إدارة منظمة العمل بالشكر والتقدير لجمهورية العراق على احتضانها أعمال مؤتمرنا موجهاً خالص الامتنان لدولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ محمد شياع السوداني راعي المؤتمر، وكذلك أطراف الإنتاج الثلاث على جهودهم في الإعداد والتحضير لهذه الدورة المتميزة خمسون عاماَ من العلاقة الثابتة الراسخة التي تجمع بين منظمة العمل العربية وأطراف الإنتاج الثلاثة للدول العربية. مشيراً إلى الظروف الاستثنائية التي تمر بها أمتنا العربية في ظل استمرار الوضع في غزة والأزمة الاقتصادية التي تلقي بظلالها على أسواق العمل وقضايا التشغيل، مستعرضاً في كلمته أهم أنشطة مجلس الإدارة لدورتين متتاليتين، مديناً الجرائم اللاإنسانية في حق عمال وشعب فلسطين على اعتبارهم جرائم حرب وإبادة جماعية.

“أبو الغيط”:

 59 سنة من الجهود لتنمية وصون الحقوق العمالية ودعم الحريات النقابية

نوه الأمين العام لجامعة الدول العربية بمرور 59 عامًا على جهود تنمية وصون الحقوق العمالية ودعم الحريات النقابية في المؤتمر المنعقد ببغداد، والذي يعود تاريخيًا إلى أول اجتماع تأسيسي لمنظمة العمل العربي. أعرب عن شكره لجمهورية العراق والمساهمين في تنظيم المؤتمر، كما تطرق إلى الأوضاع في فلسطين، مستنكرًا الأعمال الوحشية للاحتلال مطالبًا المجتمع الدولي بالتدخل لحماية حقوق العمال الفلسطينيين. مناشداً منظمة العمل الدولية لدعم خطة الطوارئ الفلسطينية مشيداً بنوعية التقارير المعروضة على جدول الأعمال،مواكبة تأثيرات هذه التغيرات على طبيعة سوق العمل وحقوق العمال، والأشكال الجديدة من العمل في المستقبل، بما تقتضيه من توفير أنماط جديدة من التعليم والتدريب وإعادة التأهيل.

“المطيري”: بواباتها وأسوارها تحكي قصصاً بغدادية

في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية تحدث المدير العام لمنظمة العمل العربية عن بغداد قائلاً: “وادعةٌ على نهر دجلة بين كَرخِها ورَصَافتها، تسجّلُ في صفحاتها الحاضرَ  والتاريخ، بحروفٍ من ثقافاتٍ وحضاراتٍ قديمة، بواباتها وأسوارها تحكي قصصاً بغدادية عن ماضٍ عريق وحضارةٍ متجددة لم تستطع أن تسكتها الحروب ولا الأزمات القاسية التي عصفت بها على مدى عقودٍ من الزمن”.

مضيفاً:”من هنا من بغداد، مدينة السلام والمنصور والرشيد، وقبل تسعة وخمسين عاماً، وُضعت اللبنةُ الأولى لإنشاء منظمة العمل العربية، حين اتخذت حكومة العراق زمامَ المبادرة لعقد المؤتمر الأول لوزراء العمل العرب الذي أقرَّ بالإجماع الميثاق العربي للعمل ودستور منظمة العمل العربية، مثمناً حرص دولة رئيس مجلس الوزراء، الأستاذ محمد شياع السوداني، على الحضور شخصياً لافتتاح أعماله، قائلاً: “فدوركم دولةَ الرئيس في عودة المنظمة لتنفيذ أنشطتها في العراق بعد غيابٍ دام لسنوات، يستحق التوقف والاعتراف به كمحطةٍ مهمةٍ في مسيرة المنظمة، وفي ظل قيادتكم الحكيمة، استعادَ العراقُ مكانته الإقليمية والدولية، واستأنف انطلاقته الحضارية بإصرار ٍ وعزيمة ماضياً في مسيرةِ الإعمار والتنمية، وإن تواجدكم بيننا اليوم ليس فقط رمزًا للدعم الحكومي، بل شهادةً على إخلاصكم وتفانيكم في خدمةِ العراق، وتعزيزِ العمل العربي المشترك، فلكم منا دولةَ الرئيس كل الشكرِ  والتقدير”.

كما رحب “المطيري” بمعالي الأستاذ أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، قائلاً : قضايانا العربية سياسيةٌ كانت أم اقتصادية أم اجتماعية ملاذٌ آمن وبيتٌ واحد، بقيادةٍ حكيمة ورؤية ثاقبة، أثبتَ أن العمل العربي المشترك ليس فقط حلمًا نسعى إليه، بل هو  واقعٌ نعيشه من خلال جهوده المتواصلة من أجل تحقيق السلام والاستقرار  في المنطقة،

و أوضح في كلمته أن اختيار موضوع تقريره لهذه الدورة جاء استجابةً للواقع المتغير  لأسواقِ العمل؛ ليطرحَ  رؤيةً استشرافية تهدف إلى تسليحِ الموارد البشرية العربية بالمهارات اللازمة، داعياً إلى التوافق على إعلان مبادئ بشأن “مستقبل الموارد البشرية في ظل الثورة التكنولوجية”،

35000 شهيد ليس مجرد رقم بل صرخةُ استغاثة

أدان “المطيري” وحشية قوات الاحتلال مشيراً إلى استشهاد أكثر من 35000 فلسطيني فيما يقارب سبعة أشهر، وأنه ليس مجرد رقم، بل هو صرخةُ استغاثة تعبر عن حجم الفاجعة التي تعيشها غزة، وشهادةٌ حية على حرب الإبادة الجماعية التي تُشن بلا هوادة، في محاولة يائسة لطمسِ الحقيقة، والتهرب من المساءلة الدولية. مستنكراً عدم منح دولة فلسطين عضوية كاملة في الأمم المتحدة كتأكيد سافر على الهوة الكبيرة بين مبادئ العدالة والحقوق، وبين واقع السياسات والقرارات، وخطوة للوراء في جهود ومساعي تحقيق السلام العادل والشامل. مناشداً أطراف الإنتاج الثلاث إلى مضافرة الجهود من خلال تضمين كلمات الوفود المشاركة في الدورة 112 لمؤتمر العمل الدولي، المطالبة بإدراج ملحق تقرير المدير العام حول أوضاع العمال في الأراضي المحتلة كبندٍ أساسي على جدول أعمال مؤتمر العمل الدولي لمناقشته في الجلسات العامة.

“هونجبو” يجدد الدعوة للانضمام إلى التحالف العالمي من أجل العدالة الاجتماعية

أعرب المدير العام لمنظمة العمل الدولية عن سروره بحضور الدورة الخمسين لمؤتمر العمل العربي في بغداد، مهد الحضارة الإنسانية الذي يمثل فرصة للاحتفال بالإنجازات في العالم العربي ومعالجة القضايا المعقدة مثل التأثير  الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا مشيراً إلى النمو السكاني السريع للشباب. وأشار إلى  الصراع المدمر في فلسطين الذي أثر على الحياة والمعيشة في غزة والضفة الغربية خلال الأشهر الستة الماضية، فقد عشرات الآلاف في غزة حياتهم أو أصيبوا بجراح، ونزح مئات الآلاف، ويواجه الملايين الآن الجوع والفقر والمرض، مؤكداً على تأثيره السلبي على استقرار الاقتصادات المجاورة.

كما نوه برنامج استجابة طارئ بقيمة 20 مليون دولار من منظمة العمل الدولية لمساعدة العمال الفلسطينيين المتضررين. واستعرض جهود المنظمة الدولية في جمع وتحليل البيانات حول تأثير الحرب على سوق العمل الفلسطيني وتعزيز البرامج التنموية في غزة.

كما عبر عن التزام المنظمة بدعم الدول العربية في مواجهة التحديات مثل بطالة الشباب والفجوة بين الجنسين في العمل منوهاً إلى آثار هجرة الأدمغة التي تفقد المنطقة قدراتها البشرية الثمينة، مما يعيق جهود التنمية. مؤكداً أن التحديات تأتي مع فرص، مشيرًا إلى تأثير تغير المناخ وكيف يمكن لمبادرات الاقتصاد الأخضر تعزيز النمو الاقتصادي المستدام. لافتاً النظر  إلى التزام منظمة العمل الدولية بدعم السياسات والبرامج التي تعزز الوظائف الخضراء والتدريب المهني في المنطقة العربية. موجهاً الدعوة للانضمام إلى التحالف العالمي من أجل العدالة الاجتماعية، الذي يضم مجموعة واسعة من الشركاء لتعزيز العدالة الاجتماعية عالميًا.

الأسدي يتقدم بالشكر إلى منظمة العمل العربية على جهودها

رحب رئيس المؤتمر  معالي الأستاذ أحمد الأسدي وزير العمل والشؤون الاجتماعية بالحضور في الدورة الخمسين لمؤتمر العمل العربي، مشدداً على أهمية هذا الاجتماع في تعزيز التعاون العربي المشترك ،ودعم أهداف التنمية مثل تحسين شروط العمل والقضاء على الفقر. مؤكداً على أهمية الحوار الاجتماعي وتبادل الخبرات لتحقيق أسواق عمل منتجة ومستدامة وتعزيز العمل اللائق، خاصة بين الشباب في المنصات الرقمية. معرباً عن امتنانه لمنظمة العمل العربية ولكبار المسؤولين الحاضرين لدعمهم العراق ويدعو رئيس الوزراء لإلقاء كلمته.

دولة رئيس مجلس الوزراء: “أؤكد على الدور الكبير الذي يمارسه الأخ فايز المطيري”

ألقى دولة رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني  كلمة أشاد فيها بالقائمين على المؤتمر، وبين أن بغداد كانت قبل 59 عاماً شاهداً وموطناً لكتابة شهادة ولادة منظمة العمل العربية، حيث اجتمع في الثاني عشر من عام 1965 وزراء العمل في بغداد، وعقدوا مؤتمرهم الأول الذي وافقوا فيه على الميثاق العربي للعمل، وعلى مشروع دستور منظمة العمل العربية، لتكون مظلةً تجتمع تحتها الأفكار الخاصة بشؤون العمل والعمال”. مثنياً على خطة عمل المؤتمر وتقرير المدير  العام لمنظمة العمل العربية الذي تميز بالدقة والموضوعية مؤكداً الدور الكبير الذي يمارسه الأخ المطيري وأنا شهدته عن قرب أثناء وجودي في المنظمة.


وقال السوداني، في كلمته خلال المؤتمر، إن “الحكومة هيأت كل الأسباب التي تكفل تميز هذا المؤتمر، ليخرج بتوصيات وقرارات وأفكار إيجابية ودعم للمنظمة”، مشيراً إلى “الدعم الكبير للحكومة العراقية لإنجاح نشاطات منظمة العمل العربية وبرامجها، من خلال وزارة العمل والشؤون الاجتماعية حين كان سيادته وزيراً لها”.


وأوضح أن “انعقاد هذا المؤتمر يأتي في ظروف استثنائية عصيبة على المستويين العربي والدولي، حيث تواصل قوات الاحتلال عدوانها ضد أبناء غزة، منتهكة القانون الدولي وأعراف الحروب وقرارات الأمم المتحدة، ومنعوا الغذاء والدواء والسكن الآمن للفلسطينيين”، داعياً المجتمع الدولي ومؤسساته إلى “القيام بدوره من أجل إيقاف هذه الحرب الظالمة، انطلاقاً من المسؤولية الإنسانية والأخلاقية التي رسمتها القوانين والقرارات الدولية”.


وأضاف: “استبق الجميع لتقديم التهاني إلى عمال العالم بعيدهم، في الأول من أيار، متمنياً لهم ولمنظماتهم النقابية والعمالية المزيد من التقدم و الازدهار”، لافتاً إلى أن “العالم يشهد أزمات انعكس تأثيرها على الاقتصاد العالمي والوضع الاجتماعي والنفسي والاقتصادي لشعوب المنظمة العربية، وأثر سلباً على إنتاجية العمل”.
وأشار إلى أن “مؤتمر العمل العربي المنعقد في بغداد يتحمل مسؤوليات إضافية غير التي اعتادت المؤتمرات السابقة مناقشتها”، مؤكداً: “لا بدّ من العمل لتحسين أداء مؤسسات وعناصر سوق العمل، وبناء علاقة نوعية بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل”.

 

مواضيع ذات الصلة